Tuesday, June 28, 2011

في بلدي لا يوجد رجال




انه يوم الجمعة ..تتطاير الارواح فيه الى السماء مثل كحول فر من زجاجة ..انه اليوم الحزين للعديد و التحدي للكثير و الغيظ للقلة ..فالكل يعلم ماذا سيحدث ..لانه مثلما حدث .. يخرجون الى دروب الحرية بدون بوصلة ..بدون ان يودعوا اهلهم او يتركوا وصية ..يتمنون حرية فقط .. ينتهي يوم الجمعة  فتنقص صفوف المدرسة طفل .. و يفرغ مقعد بجانب طفل يتسائل عن حال صاحبه.. مائة يوم للثورة و مائة طفل و مائة مدرسة و مائة صف و مئات الاصحاب .. تغيب شمس الجمعة و تفقد الزوجة زوجها ..و تفقد الام ابنها و يفقد الاب ولده ..و تفقد الجامعة طالبها و يفقد الاصحاب صاحبهم و يفقد الجار جاره و تفقد بلدي شبابها..الآف العائلات تفتقد ابنائها تصحى فلا تجدهم و تأكل بدونهم و تنام بدون عناقهم ..الآف الامهات لا تنام الا و قد بللت وسادتها شوقا ..غضبا ..كيف هو النوم و كيف هي الحياة و القاتل طليق و لا عدالة تسري في الارض ..الآف العائلات ينتظرون ثأرهم و ديتهم : اسقاط النظام و الحرية ..
اطفالنا تغتال بعمد و بكل برود لغاية معروفة .. يجب ان يتوقف قتل الاطفال و المراهقين , امنعوهم من الخروج في المظاهرات حتى لو كانوا ليسوا اولادكم او لا تعرفونهم ..فخوفي من طفل يقتل فلا يتحمل اهله الخبر و يثأرو بالقتل فيقلدهم غيرهم و تصبح الثورة مسلحة فتدمر البلاد الى حد لا اصلاح معه و تقتل العباد الى حد لا رقم له ..
من يملء فراغات الحوار بين المؤتمرات و النظام و الشارع ..؟ هل ستملء بدم الشهداء ؟ كيف ستواجهون اهل الشهيد و على ايديكم دماء من مصافحة القتلة  ؟ استقتلون الشهداء مرة اخرى في قبورهم ؟ لو يستطيع النظام ان يعيد الشهداء احياء يمشون مطمئنين بيننا فليعدهم و ليحاورهم هم فقط  فنحن حتى على شروط استسلامه لن نحاوره ..
.في بلدي لا يوجد رجال ..فإمّا ذكور و إمّا ثوار ابطال ..إمّا قتلة و إمّا شهداء ..في بلدي لا يوجد رمادي .. إمّا الاسود و إمّا الاحمر الدامي ..يهرعون الى الشوارع ..بحاجة ..حاجة غريزية  : العيش بحرية , هذه هي قصة الثورة السورية  ..هي الآف القصص لتناسب الآف الشهداء  الذين وقعوا و كيف استشهدوا  ومن قتلهم  و الجرحى وكيف تمت اصابتهم و كيف استطاعوا البقاء على قيد الحياة و اين تعالجوا  ومن جرحهم و المعتقلين و لماذا قبض عليهم و لماذا و اين و متى و كيف عذبوا ..انها مئات الآف القصص طالت الجميع  لتصبح تدريجيا ثلاثة و عشرين مليون قصة و قصة لا تختصر.. لكن باختصار انها قصة  بلدي الذي لا يوجد فيه رجال او نساء او اطفال او حوار فأصبح ..إمّا الحرية و إمّا بشار ..
و يبقى الطريق الى المستقبل عبارة عن متاهات الحاضرالمظلمة نسير بها كلنا ضحايا او  قتلة دون ان نرى المخرج او الضوء في نهاية النفق نتسابق لنقطع الطريق على بعضنا البعض و نهدم خلفنا اي طريق للعودة الى الوراء ..
ايا يخرج فهي الفوضى بالانتظار ..


No comments:

Post a Comment